أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

Бўлимлар: 34. Ҳар-хил

أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

 نَسْخُ القراءة وراءَ الإمام في الجهرية

وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أجاز للمؤتمين أن يقرؤوا بها وراء الإمام في الصلاة الجهرية ؛ حيث كان في صلاة الفجر ، فقرأ ، فثقلت عليه القراءة ،  فلما فرغ ؛ قال : » لعلكم تقرؤون خلف إمامكم ؟ » . قلنا : نعم ؛ هذّاً (1) يا رسول الله ! قال :» لا تفعلوا ؛ إلا [ أن يقرأ أحدكم ] بـ : { فاتحة الكتاب } ؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها » (2) .

__________

(1) بتشديد الذّال وتنوينها . قال الخطابي (1/205) :

» والهذّ : سرد القراءة ، ومداركتها في سرعة واستعجال » .

(2) هذا حديث صحيح .

أخرجه البخاري في » جزء القراءة » (7 و 22) ، وأبو داود (1/131) ، والترمذي

(2/116 – 117) ، والطحاوي (1/127) ، والدارقطني (120) ، والحاكم (1/238) ،

والطبراني في » الصغير » (134) ، والبيهقي (2/164) ، وأحمد (5/313 و 316 و 322) ،

وابن حزم في » المحلى » (3/236) من طرق عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن

محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال :

كنا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الفجر ؛ فقرأ … الحديث .

وهذا إسناد جيد لا مطعن فيه – كما قال الخطابي في » المعالم » (1/205) – ؛ فقد

صرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية لأحمد ، والدارقطني وقال :

» هذا إسناد حسن » . وأعله البيهقي . وقال الترمذي :

» حديث حسن » . والحاكم :

ثم نهاهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القراءة كلها في الجهرية ، وذلك حينما » انصرف من

صلاةٍ جهرَ فيها بالقراءة (وفي رواية : أنها صلاة الصبح) ، فقال :

» هل قرأ معي منكم أحد آنفاً ؟! » .

فقال رجل : نعم ؛ أنا يا رسول الله ! فقال :

» إني أقول : ما لي أُنازَع (1) ؟! » .

[ قال أبو هريرة : ] فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما جهر

فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، [ وقرؤوا

في أنفسهم سرّاً فيما لا يجهر فيه الإمام ] (*) » (2) .

__________

وأما المذاهب الأخرى ؛ فيأتي قريباً ذكر أدلتها .

(1) قال الخطابي :

» معناه : أُدَاخَلُ في القراءة وأُغَالَبُ عليها . وقد تكون المنازعة بمعنى المشاركة

والمناوبة ؛ ومنه منازعة الناس في النِّدام » .

قلت : والأنسب في هذا المقام : المعنى الآخر ، وهو المشاركة ؛ بدليل انتهائهم عن

القراءة . ولو كانوا فهموا أنه المعنى الأول ؛ لانتهوا عن المداخلة فقط .

(*) الزيادتان من » صفة الصلاة » المطبوع (ص 99) .

(2) هو من حديث ابن شهاب الزهري عن ابن أُكيْمة عن أبي هريرة رضي الله

عنه .

أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف … الحديث .

أخرجه عنه مالك (1/108) ، ومن طريقه محمد في » موطئه » (90 – 91) ،

والبخاري في » جزئه » (22) ، وأبو داود (1/131) ، والنسائي (1/146) ، والترمذي

وجعل الإنصات لقراءة الإمام من تمام الائتمام به ؛ فقال :

» إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر ؛ فكبروا ، وإذا قرأ ؛ فأنصتوا » (1) . كما جعل الاستماع له مُغْنِيَاً عن القراءة وراءه ؛ فقال :

__________

أن هذا خاص بالجهرية ؛ التي يقرأ فيها الإمام جهراً ، فيلزم على المقتدين التدبر ؛ فيجب

عليهم الإنصات .

وأما في السرية ؛ فالإمام لا يقرأ إلا سراً ، بحيث لا يقرع صِماخ المقتدين ؛ فلا يمكن

أن يحصل التدبر لهم فيها – وإن كانوا منصتين – ؛ فلا يظهر لوجوب السكوت عليهم فيها

وجه معتد به .

والقول بأن وجوب السكوت أمر تعبدي غير معقول : مطالب بالدليل المعقول ، على

أن كثيراً من أصحابنا وغيرهم أخذوا بعموم الآية المذكورة ، وعدم اختصاصها بالموارد

المأثورة ؛ حتى فَرَّعوا عليه كون سماع القرآن مطلقاً – ولو خارج الصلاة – فرض عين أو

كفاية ، فلو كان المأمور فيها أمرين – الاستماع ، والسكوت ؛ الأول في الجهر ، والثاني في

السر – ؛ لزم أن يقال بوجوب سكوت من يقرأ القرآن عنده خارج الصلاة سراً ؛ كفاية أو

عيناً ، وهو خلاف الإجماع بلا نزاع » . ا هـ .

وإنما أمر تعالى بالاستماع بعد الأمر بالإنصات ؛ لأنه قد يقول قائل : أقرأ وأسمع .

كما يفعله بعض المتزهدين في خطبة الجمعة ؛ فإنك تراهم يذكرون الله بالسبحة ، ولو

سألتهم ؛ لقالوا : نحن نسمع ونقرأ ! و : { مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } .

فكان من الحكمة أن يُتْبعَ الأمرَ بالاستماعِ الأمرَ بالإنصات . هذا ما ظهر لي . والله أعلم .

(1) أخرجه { ابن أبي شيبة (1/97/1) = [1/331/3799] } ، وأبو داود

(1/99) ، والنسائي (1/146) ، وابن ماجه (1/279) ، والطحاوي (1/128) ،

والدارقطني (124) ، وأحمد (2/420) من طريق أبي خالد سليمان بن حَيَّان عن محمد

» من كان له إمام ؛ فقراءة الإمام له قراءة » (1)

، هذا في الجهرية .

__________

 (1) هو من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه . رواه أبو حنيفة الإمام قال : ثنا

أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عنه مرفوعاً به .

أخرجه الإمام محمد في » الموطأ » (94 – 96) وفي » الآثار » (16) ، والطحاوي

(1/128) ، والدارقطني (122 و 123) ، والبيهقي (2/159) ؛ كلهم عن أبي حنيفة به .

ورواه عبد الله بن المبارك عنه ، وعن غيره مرسلاً ؛ بدون ذكر : جابر .

وُجُوبُ القراءةِ في السِّرِّيَّةِ

وأما في السرية ؛ فقد أقرهم على القراءة فيها ، فقال جابر :

» كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ : { فاتحة

الكتاب } وسورة ، وفي الأخريين بـ : { فاتحة الكتاب  » (*) وإنما أنكر التشويش عليه بها…

________________________

(*) أخرجه ابن ماجه (1/278) . قال السندي :

» في » الزوائد » : قال المزي :

موقوف . ثم قال :

هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات .

وقد يقال : الموقوف في هذا الباب حكمه الرفع ، إلا أن يقال : يمكن أنهم أخذوا ذلك

من العمومات الواردة في الباب ؛ فلا تدل قراءتهم على الرفع » . ا هـ .

(أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم – (1 / 327-365)